الصوم: عبادة تتجاوز الجوع والعطش

استكشف مفهوم الصوم في الإسلام وأهميته. يتناول البحث أهداف الصيام وفوائده الروحية والجسدية، بالإضافة إلى الأحكام والشروط اللازمة لصيام صحيح ومقبول.

الصوم

الصَّوْمُ في الإسلام نوع من العبادات الهامة، وأصل الصَّوْمُ (ص و مـ)، يقال: صام صَوْمًا وصِيامًا أيضًا، في اللغة: مطلق الإمساك،[1] أو الكف عن الشيء، ومنه قول الله تعالى حكاية عن مريم: ﴿فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمً
صوم رمضان 


الصَّوْمُ في الإسلام نوع من العبادات الهامة، وأصل الصَّوْمُ (ص و مـ)، يقال: صام صَوْمًا وصِيامًا أيضًا، في اللغة: مطلق الإمساك،[1] أو الكف عن الشيء، ومنه قول الله تعالى حكاية عن مريم: ﴿فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾ [مريم:26] أي: إمساكاً عن الكلام. والصوم في الشرع الإسلامي عبادة بمعنى: «الإمساك عن المفطرات على وجه مخصوص، وشروط مخصوصة من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس، بنية». ولا يقتصر على صوم شهر رمضان، بل يشمل جميع أنواع الصوم، وهو إما فرض عين وهو صوم شهر رمضان من كل عام، وما عداه إما واجب مثل: صوم القضاء أو النذر أو الكفارة. وإما تطوع ويشمل: المسنون المؤكد، والمندوب (المستحب) والنفل المطلق، ومن الصوم أيضا ما يشرع تركه وهو الصوم المنهي عنه كصيام يوم الشك، ويحرم صوم يوم عيدي الفطر والأضحى.

والصوم في الإسلام هو عبادة يتفق المسلمون على اتباع نهج النبي في تحديد ماهيتها وأساسياتها، فهو بمعنى: «الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية»، كما أن صوم شهر رمضان من كل عام: فرض بإجماع المسلمين، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفضائله متعددة، ويشرع قيام لياليه، وخصوصاً العشر الأواخر منه، وفيه ليلة القدر، وتتعلق به زكاة الفطر، وهو عند المسلمين موعد للفرحة، والبر والصلة، وعوائد الخير. وفرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، بأدلة منها قول الله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة:183]، وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:185]، وحديث: «بني الإسلام على خمس..» وذكر منها: صوم رمضان، وحديث الأعرابي السائل عن شرائع الدين، قال: هل علي غيره؟ أي: صوم رمضان، قال في الحديث: «لا، إلا أن تطوع شيئا». وصوم شهر رمضان من كل عام: فرض على كل مسلم مكلف مطيق للصوم غير مترخص بسبب المرض أو السفر، ولا يصح الصوم إلا من مسلم عاقل مع خلو المرأة من الحيض والنفاس. وللصوم أحكام مفصلة في علم فروع الفقه، ومنها وجوب الصوم، وأركانه، وشروطه، ومبطلاته، ومستحباته، ومكروهاته، وأحكام الفطر، والأعذار الشرعية المبيحة للفطر، ومواقيت الصوم، لدخول الشهر وخروجه، ووقت الإمساك، والتسحر، والإفطار، والقضاء والأداء وغير ذلك.


تعريف الصوم

 تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي». قال أبو عبيد: إنما خص الله تبارك وتعالى الصوم بأنه له وهو يجزي به، وإن كانت أعمال البر كلها له وهو يجزي بها؛ لأن الصوم ليس يظهر من ابن آدم بلسان، ولا فعل فتكتبه الحفظة، إنما هو نية في القلب وإمساك عن حركة المطعم والمشرب يقول الله تعالى: فأنا أتولى جزاءه على ما أحب من التضعيف وليس على كتاب كتب له؛ ولهذا «قال النبي ﷺ: ليس في الصوم رياء»».[6] والصوم: ترك الأكل. قال الخليل: والصوم قيام بلا عمل. قال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير، فهو صائم. والصوم: البيعة. وصامت الريح: ركدت. والصوم: ركود الريح. وصام النهار صوما إذا اعتدل وقام قائم الظهيرة؛ قال امرؤ القيس:
فدعها وسل الهم عنك بجسرة ذمول إذا صام النهار وهجرا
وصامت الشمس: استوت. التهذيب: وصامت الشمس عند انتصاف النهار إذا قامت ولم تبرح مكانها. وصام النعام إذا رمى بذرقه، وهو صومه. قال في المحكم: صام النعام صوما ألقى ما في بطنه. والصوم: عرة النعام، وهو ما يرمي به من دبره. وصام الرجل إذا تظلل بالصوم، وهو شجر كما نقل عن ابن الأعرابي.[6] قال أبو زيد: أقمت بالبصرة صومين أي رمضانين. وقال الجوهري: رجل صومان أي صائم.[6] وقال الجوهري: الصوم شجر في لغة هذيل. قال ابن بري: وصوام جبل؛ قال الشاعر:
بمستهطع رسل كأن جديله بقيدوم رعن من صوام ممنع.[6]


الصوم بالمعنى الشرعي


الصَّوْمُ في شريعة الإسلام عبادة مخصوصة بمعنى: «الإمساك عن المفطرات، على وجه مخصوص بنية»، والصوم والصيام كلاهما بمعنى واحد في اللغة والشرع، قال ابن جرير: والصيام مصدر، من قول القائل: "صُمت عن كذا وكذا" يعني: كففت عنه، أصوم عَنه صوْما ًوصياماً، ومعنى الصيام: الكف عما أمر الله بالكف عنه، ومن ذلك قيل: "صَامت الخيل"، إذا كفت عن السير، ومنه قول نابغة بني ذبيان:
خَـيْلٌ صِيَـامٌ وخَـيْلٌ غَـيْرُ صَائِمَةٍ تَحْـتَ العَجَـاجِ وأُخْـرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا.
ومنه قول الله تعالى ذكره: ﴿فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ...الآية﴾[8]، يعني: صمتًا عن الكلام.[9][10] والصَّوْم بالمعنى الشرعي هو: «الإمساك عن المفطرات، على وجه مخصوص، في زمن مخصوص بنية»، أو: «الإمساكٌ عن المُفْطِرَاتِ من طلوع الفَجْرِ إلى غروب الشمس مع النِّيَّة». والنية في الصوم لا زمة عند جمهور الفقهاء، بصرف النظر عن كونها ركنا من أركان الصوم أو شرطا من شروطه. قال ابن حجر في فتح الباري: «والصوم والصيام في اللغة: الإمساك، وفي الشرع: إمساك مخصوص في زمن مخصوص عن شيء مخصوص بشرائط مخصوصة». وقال صاحب المحكم: «الصوم ترك الطعام والشراب والنكاح والكلام»، قال الراغب: الصوم في الأصل الإمساك عن الفعل، ولذلك قيل: للفرس الممسك عن السير صائم، وفي الشرع: «إمساك المكلف بالنية عن تناول المطعم والمشرب والاستمناء والاستقاء من الفجر إلى المغرب».[11] وقال السرخسي في المبسوط: «وفي الشريعة: عبارة عن إمساك مخصوص، وهو الكف عن قضاء الشهوتين شهوة البطن وشهوة الفرج، من شخص مخصوص، وهو أن يكون مسلما طاهرا من الحيض والنفاس وفي وقت مخصوص، وهو ما بعد طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس بصفة مخصوصة، وهو أن يكون على قصد التقرب، فالاسم شرعي فيه معنى اللغة».[12] قال ابن قدامة: «والصوم في الشرع: عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة، في وقت مخصوص».[13] وقال في الذخيرة الصوم في الشرع: «الإمساك عن شهوتي الفم والفرج وما يقوم مقامهما مخالفة للهوى في طاعة المولى في جميع أجزاء النهار وبنية قبل الفجر أو معه إن أمكن فيما عدا زمن الحيض والنفاس وأيام الأعياد».[14] وقال ابن عرفة: «الصوم رسمه عبادة عدمية وقت طلوع الفجر حتى الغروب»، وقال ابن رشد: «إمساك عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية».[14] أو هو: إمساك مخصوص عن المفطرات يوما كاملاً، من شخص مخصوص بنية، وفق شروط مخصوصة عند الفقهاء؛ لأن الصوم عمل، والنية لازمة شرعاً لصحة الأعمال، ونية الصوم لازمة باتفاق أئمة المذاهب الفقهية فلا يصح الصوم إلا بالنية، وهذا لا خلاف عليه؛ لقول النبي ﷺ: «لا صيام لمن لم بيت النية ليلا».[15] وهو محمول على صوم الفرض عند الجمهور، ووقت النية من بعد غروب الشمس إلى طلوع الفجر، أما في صوم النفل؛ فتمتد النية إلى ما قبل الزول بشرط عدم تعاطي أي مفطر بعد الفجر.



مواضيع

إرسال تعليق

أشكركم على اهتمامكم بمحتوى موقعنا. نقدر تعليقاتكم وآرائكم
اكتب موضوعًا واضحًا وموجزًا لتعليقك.
تأكد من أن موضوع التعليق يتعلق بمحتوى الموقع أو المقال

الانضمام إلى المحادثة